لغز القمر المحير

قصة لغز القمر المحيّر، هذا القمر الذي يبدأ بالتناقص ليلة بعد ليلة، فيثير التساؤلات عند مجموعة من الأصدقاء المحبين للاستطلاع (الراطون، الدبين، نقار الخشب، الثعلب، الأرنب)، يدّعي الراكون مأمون المتحاذق أنه يعرف السبب، يدّعي أنه يعرف كل شيء منذ بداية القصة، بينما الرسومات تظهر لنا صورة مختلفة للحقيقة.

يرفض الراكون الاعتراف بجهله لسبب تلاشي القمر، ويتعالى على باقي أصدقائه، مدعيا أنه الوحيد الذي يعرف، فينفصل الدبان، عنتر وعنبر عن مجموعة الأصدقاء، في جوّ يكتنفه الغموض، وفي كل يوم يراهما أحذ الأصدقاء يقومان بأمر ما، وينقل الخبر لباقي الشلة، فتبدأ الإشاعة بالتكون، وتكثر التأويلات، حتى يتوصل الراكون لاستنتاج مفاده أن الدبان هما السبب في تلاشي القمر، وأنهما يسافران بصاروخ فضائي كل ليلة إلى القمر ويسرقان منه حجارة ويقومان ببيعها، فيجنيان ثروة كبيرة ويتسببان في تناقص القمر واقتراب اختفاءه، يتمّ شرح هذه الإشاعة ب "طريقة علميّة" عن طريق رسومات توضيحيّة لأفكار الراكون، على شكل تخطيط يظهر كل معلومة جمعت عن الدبين والاستنتاج الذي نتج عن هذه المعلومة.

أما الدبان، فهما مستمران في بحثهما، ولا يعلمان عمّا يدور من إشاعات حولهما، فهما مشغولان بالأفعال الحقيقية، لا بالتكهنات واختلاق الإشاعات.

عندما يجهز المشروع العلمي الذي يعمل الدبان على إنشاءه، يقومان بدعوة الأصدقاء، لزيارة المرصد الفلكي الخاص بهما، ويشرحان للجميع عن ظاهرة انحسار القمر، ويعلمانهم أسماء القمر بحسب حجمه، وكم من الوقت يستغرق القمر في دورانه حول الأرض والعديد من المعلومات الفلكية التي لا بد سترسخ في عقول الأطفال نظرًا للطريقة الممتعة التي وصلت من خلالها هذه المعلومات.

يعترف الراكون مأمون بخطأه، يخجل من نفسه بسبب سوء ظنّه ويعتذر من الدبين على ما بدر منه، وها قد حصلنا على درس قيّم في الأخلاق بصورة غير مباشرة.

إلا أن الدبين المشغولين بالعلم يتعاليان عن هذا الخطأ الذي ارتكب بحقهما، ويسامحان الراكون على التقولات الكاذبة التي أطلقها عنهما، وهو درس أخلاقي إضافي، في العفو والتغاضي عن أخطاء الآخرين، التي كما في هذه الحالة تدلّ على قوّة المسامح وضعف وقلّة وعي من أخطأ بحقه. إذا أن نشر العلم بين المعارف والأصدقاء هو أسمى من كل هذا الخصومات التي قد تحصل ولا داعي لتضخيمها.

يقوم الدبان أخيرًا بشرح الظاهرة العلمية والمصطلحات التي ترافقها كالانحسار، المحاق، الهلال، البدر...

ولكن العلم، كما هو العلم، أسئلته لا تنتهي أبدًا، ولا يمكن أن نصل لمعرفة إجابات كل الأسئلة، فبعد الاطمئنان على القمر، يتساءل الأصدقاء عن عدد النجوم في السماء، وتكون هذه هي الفرصة ليستعيد الراكون مأمون كرامته، فيجيب هو بكل ثقة على السؤال.

الجميل في القصة أنها توصل المعلومة بطريقة ذكية وغير مباشرة، تعلمنا الكثير عن القيم والعلاقات من دون أن يكون ذلك مكتوبًا فيها، الرسومات وعلاقتها بالنص تعجّ بالنكت مما يجعل القصة تلائم الكبير مثل الصغير.

تظهر في القصة إلى جانب الدب والثعلب، حبوانات لا تتكرّر كثيرًا في كتب الأطفال، فهناك الراكون ونقار الخشب وهذه فرصة لتعريف الأطفال بهما.

توظيف الحيوانات في القصة وإلباسها بصفات إنسانية توصل القيم الأخلاقية بطريقة خفيفة مقبولة أكثر على المتلقي، كما أن اختيار الحيوانات خدم النص في أكثر من موقع، فاختيار الدبين ليكونا الفلكيين في القصة يرتبط مباشرة مع مجموعتي النجوم: "الدب الأكبر" و"الدب الأصغر" وهي من أكثر الكوكبات شهرة، عرفها العرب قبل مئات السنين وأطلقوا عليها اسمي "بنات النعش الكبرى" و"بنات النعش الصغرى" وقد عرفها قبل ذلك المصريون القدماء والصينيون واليونانيون.

تعلمنا القصة عن التحولات التي تحصل مع القمر، عم تغير أشكاله وأسمائه، عن المرصد والتلسكوب والنجوم، ولكن ذلك يحصل من خلال قصة طريفة تحصل مع الراكون وأصدقائه، وعلاقاتهم المركبة، شخصياتهم المتنوعة والأهم، حب الاستطلاع الذي يحركهم طوال القصة حتى يصلو إلى الحقيقة.

بعد قراءة القصة قمنا برسم النجوم والتوصيل بينها لنحصل على الدب الأكبر والدب الأصغر، وباقي الحيوانات.

القصة ملائمة ابتداءًا من ثلاث سنوات وحتى 120