عندما يكون الكتاب قطعة فنية ممتعة ويخدم أهدافًا تربوية سامية، عندما تلتقي متعة القراءة مع الكثير من القيم الإنسانية، قصة تعرض موضوع الفقدان والموت من زاويتين، فتتحدث عن تعاملنا مع فقدان من نحب من جهة، وعن الأثر الطيب الذي يمكن أن نتركه وراءنا بعد رحيلنا عن هذه الحياة، من الناحية الأخرى.
تحزن جميع الحيوانات لموت الثعلب، على الرغم من معرفتها أن وقت رحيله قد حان (لربما بسبب عمره الكبير، أو بسبب مرض ألمّ به، فالسبب غير مذكور).
وتبدأ الحيوانات باستحضار ذكرياتها الجميلة مع الثعلب، الذي ترك أثرًا طيبًا عند كل واحد منها، جملة رهيبة، يمكن أن نتحدث عنها كثيرًا، ونراجع أنفسنا، ككبار وكصغار، ونفكر في الأثر الذي تركناه عند الناس.
ثم يتحدث الراوي مرة أخرى عن تعامل الحيوانات مع حزنها، فيعطينا مادة للتفكير في طريقتنا بالحزن، وكيف أننا (على الأقل بيوت العزاء عند النساء) نمنع الكلام والحديث في الأيام الثلاثة الأولى بعد الموت، وكأن التحدث يعني استهتارنا بالميت، بينما هنا في القصة، يكون الحديث سببًا في تفريج الهم والحزن، لا بل وعندما بدأت الحيوانات بالحديث عن محاسن الثعلب (أذكروا محاسن موتاكم) نبتت مكانه من داخل الثلج نبتة برتقالية اللون (كلون الثعلب، تذكرهم به) وكلما تحدثوا عنه أكثر كلما كبرت النبتة وخفّفت من حزنهم، تستمرّ الحيوانات بهذا الحديث، حتى تصبح النبتة شجرة كبيرة جميلة، يستظلون بظلها ويعيشون في جذعها وعلى أغصانها ويأكلون من ثمارها، فأيقنوا أن الثعلب ما زال يعيش بينهم، برغم موته، ويسكن في قلوبهم.
القصة رائعة وأنصح بها ابتداءًا من جيل 5 سنوات وهي ملائمة لكل الأجيال حتى للكبار والبالغين.
نشاط مقترح لقصة "شجرة الذكريات"
تطرح هذه القصة الرائعة موضوع الذكريات للتخفيف من ألم الفراق، وحتى نبقي أشخاصًا نحبّهم موجودين في ذاكرتنا (في عقلنا وقلبنا)، ستكون هذه فرصة للحديث عن الحياة والتواصل، ما هي الذكريات التي تركناها عند الأحباء والمعارف، تصرفاتنا اليومية وتعاملنا مع الناس كل هذه طرقُ لبناء ذكرياتٍ عند هذه الناس لنبقى معها عندما تحين ساعة الفراق.
يمكننا أيضًا الحديث عن ذكرياتٍ لا نرغب بتذكرها وأناس آلمونا وتركوا في ذاكرتنا بصمات سلبية، فأحيانًا يكون هذا الحديث طريقةً للتصالح مع الماضي ووضع هذه الذكريات، طيّ النسيان.
نتحدّث مع الطفل عن أشخاصٍ رحلوا من حياتنا، أو فرقّتنا المسافات، نذكر للطفل أنواعًا مختلفة من الفراق، كالموت والسفر ونقل مكان السكن والعداوة وغيرها من الظروف، ونحاول تذكر أناس/حيواناتٍ فارقناهم، نتحدّث عنهم وعن سبب الفراق، ما هي الذكريات التي تركها هذا الشخض عندنا، وماذا تركنا نحن عندهم.
لنبنِ معًا شجرة ذكرياتنا، سنأخذ القصة لمفهومٍ أوسع قليلًا، فنرشد الطفل ليقوم برسم شجرة ذكرياته الخاصة:
1. الموادّ اللازمة: ورقة رسم (من النوع السميك، 250 غم أو أكثر)، أوراق ملوّنة: لون أخضر للأوراق، ولون آخر للثمار (برتقالي أو أحمر أو أزرق أو...)، صمغ، قلم للكتابة، ألوان للتزين وإضافة الرسومات حول الشجرة
2. نرسم جذع الشجرة وأغصانها وتفرعات أغصانها
3. نحضّر أوراق الشجرة وثمارها عن طريق قصّ أوراقٍ ملونة
4. نكتب بجانب كل فرعٍ من فروع الشجرة، ذكرى جميلة لنا في مكان ما أو مع شخص/أشخاصٍ من محيطنا.
يفضّل مساعدة الطفل على تذكر أشخاص، كأن نقول له تذكر أصدقائك من السنين السابقة، أفراد عائلتك، معلماتك وغيرها من الرموز. نذكر الطفل أيضًا بأن بفكر بفعاليات كان مسرورًا بالقيام بها ومن هم الأشخاص الذين قام بها معهم.
5. بعد كتابة كمية كبيرة من الذكريات، نبدأ بلصق أوراق الشجر والثمار التي حضّرناها
6. نزيّن الشجرة برسوماتنا كما نحب، يمكن للطفل أن يرسم أشكالًا تتعلق بالشجرة، أو حيوانات من القصة، أو أي طريقةٍ أخرى يحب استعمالها في تزيين لوحته (أنظر/ي الصورة أدناه)